صحيفة الشرق

في دراسة لمركز دعم خاصة بالعمل الاجتماعي.. رعاية الذات أداة أساسية لتجاوز التحديات

في دراسة لمركز دعم خاصة بالعمل الاجتماعي.. رعاية الذات أداة أساسية لتجاوز التحديات

28 سبتمبر 2020

أكد مركز دعم الصحة السلوكية، أن رعاية الذات في مجال العمل الاجتماعي هي مسؤولية مشتركة بين الموظف ومؤسسة العمل، حيث إنها تتطلب من الطرفين الوعي بأهميتها وكذلك إدراجها ضمن أنشطتهم واهتماماتهم اليومية، حيث أوضحت احدث دراسة حصلت عليها الشرق قام بها قسم الدراسات والرصد بالمركز، والتي جاءت تحت عنوان “رعاية الذات في مجال العمل الاجتماعي”، وقد قام بإعدادها كل من الباحث حسين الحرمي، رئيس قسم الدراسات والرصد بالمركز، والدكتور الشاذلي بية الشطي محاضر علم الاجتماع قسم العلوم الاجتماعية، أن مسألة رعاية الذات تصبح من الضمانات الرئيسية لتعزيز دور العمل الاجتماعي في تنمية المجتمع والإفراد ومساعدتهم على التجنب والتصدي لكل ما من شأنه أن يؤثر على جودة الحياة.
وأشارت الدراسة إلى أن الدور الأساسي للمؤسسة يتمثل في توفير الفرص التنظيمية والاجتماعية، التي تحفز الموظف على الاهتمام بنفسه لضمان مشاركته الإيجابية والفعالة، في مختلف أنشطتها التي تبقى الضامن الرئيسي لنجاحها في تحقيق أهدافها، أما بالنسبة للموظف فهو مطالب بوضع خطة واضحة لرعاية الذات يراعي فيها في نفس الوقت احتياجاته وإمكانياته، على مختلف المستويات لمساعدته على تجديد نشاطه وتجاوز كل الضغوطات والمخاطر المرتبطة بالعمل والتي من شأنها أن تنعكس بالسلب على أدائه ومستقبله المهني وعلى حياته الخاصة.

مفهوم متداول
وقال حسين الحرمي: إن مفهوم رعاية الذات أصبح من المفاهيم المتداولة بكثرة في عصرنا الحالي نتيجة لتزايد الضغوطات الاجتماعية والنفسية التي يتعرض لها الفرد في مختلف مجالات حياته، مشيرا إلى أن هذا المفهوم يستعمل للتعبير في نفس الوقت عن أداة ومهارة ضرورية يحتاجها الإنسان للعناية بنفسه بهدف تجنب أو التغلب على التعب والإرهاق النفسي، والذهني والجسدي والروحي والاجتماعي الذي من شأنه أن يؤثر على مسؤولياته المهنية والاجتماعية، من هذا المنظور يمكن تعريف رعاية الذات على أنها مجموعة من الأنشطة والممارسات يشارك فيها الإنسان بشكل منتظم للحفاظ على صحته ورفاهيته وتعزيزهما على المدى القصير والطويل.

ولفت إلى أن العاملين والموظفين في مختلف المجالات والرتب المهنية، يعتبرون من الفئات الأكثر احتياجا لهذه الأداة والمهارة، على اعتبار أن العمل يحتل حيزا كبيرا من حياة الإنسان، ويمثل مصدرا من المصادر الأساسية للضغوطات النفسية والاجتماعية، في العصر الراهن الذي يتميز بتزايد المخاطر وتنوعها، منوها إلى أن درجة الحاجة لرعاية الذات تختلف من مهنة إلى أخرى، ومن مجال عمل إلى آخر على اعتبار أن طبيعة العمل ومحتواه ومناخه والمخاطر المرتبطة به هي التي تحدد درجة تأثيره على الفرد.
وتابع قائلا: تؤكد الدراسات العلمية الاجتماعية والنفسية أن الأشخاص العاملين في المجالات الخدمية، التي تستوجب وجود علاقة مباشرة مع العملاء أو المستفيدين، هم الأكثر حاجة لرعاية الذات على اعتبار نوعية العلاقات التي قد تفرض عليهم جملة من التحديات والضغوطات النفسية والاجتماعية التي تؤثر فيهم بشكل مباشر، من هذا المنظور، يصبح العاملين في مجال العمل الاجتماعي بحاجة أكيدة لإدراك أهمية رعاية الذات، بالنسبة لهم ولجعلها عنصرا ثابتا في أسلوب حياتهم بناء عليه تصبح جدولة وقت رعاية الذات أمرا لا يقل أهمية عن جدولة أي نشاط مهني آخر بالنسبة لمقدم الخدمات إذا ما أراد القيام بمسؤولياته النبيلة تجاه الأفراد والجماعات والمجتمع على أكمل وجه.

تحديات ومخاطر
بدوره قال د. الشاذلي بية الشطي، إن مجال العمل الاجتماعي يتميز بالحضور القوي للضغوطات والتحديات والمخاطر بحكم طبيعته التي تفرض على أفراده التعامل مع الحالات الصعبة بصفة دائمة، وكذلك بحكم توقعات المجتمع من العاملين فيه، منوها إلى أن هذه الوضعية تجعل المختصين في مجال العمل الاجتماعي أمام مجموعة من التحديات، فهم مطالبون في نفس الوقت بتقديم المساعدة للآخرين ولأنفسهم، لأن رعاية الآخرين تشترط أن يكون لهم حد أدنى من القوة ومن القدرات المعنوية وغير المعنوية.

ولفت إلى أن رعاية الذات تمثل أداة ومهارة أساسية لتجاوز الضغوطات والتحديات والمخاطر في مجال العمل الاجتماعي، فمن خلالها يمكن أن يجدد العاملون في هذا المجال قواهم، وقدراتهم الذاتية الشخصية منها والمهنية، مضيفا إن هذا يعني أن رعاية الذات تنطوي على مجالين كبيرين، حيث يشمل المجال الأول المستوى الشخصي الذي يعبر عن ضرورة رعاية العاملين في مجال العمل الاجتماعي لصحتهم الجسدية والذهنية والنفسية والاجتماعية، بينما يشمل المجال الثاني المستوى المهني الذي يحيلنا إلى حتمية رعاية هؤلاء المختصين لمعارفهم ولمهاراتهم التطبيقية والاجتماعية ذات الصلة بعملهم، وتعتبر رعاية الذات من شروط تحقيق العمل الاجتماعي لأهدافه حيث إن رعاية العاملين في هذا المجال لصحتهم بمختلف أبعادها ولمهارتهم المهنية بمختلف مكوناتها يخول لهم القيام بمسؤولياتهم على أحسن وجه لفائدة المجتمع والأفراد، وإهمال ذلك قد يهدد الناشطين في مجال العمل الاجتماعي، حيث أن ذلك يجعلهم غير قادرين على مواجهة كل ما يعترضهم من صعوبات وتحديات في سياق ممارستهم المهنية.

ونوه إلى أنه من اهم أبعاد رعاية الذات، رعاية الذات على المستوى الشخصي، من خلال رعاية الصحة الذهنية عن طريق ممارسة أنشطة لتغيير الأفكار وتنشيط الذاكرة، وكذلك رعاية الصحة النفسية والاجتماعية عن طريق ممارسة أنشطة للتخلص من المشاعر السلبية، فضلا عن رعاية الصحة الجسدية عن طريق ممارسة أنشطة للتخلص من الإرهاق وتجديد الطاقة، مشيرا إلى أن رعاية الذات على المستوى المهني، تتمثل في رعاية المعارف المهنية عن طريق متابعة التطورات المهنية، ورعاية المهارات العلمية والتطبيقية عن طريق ممارسة أنشطة لتجويد الأداء وزيادة الفاعلية، بالإضافة إلى رعاية المهارات العلائقية عن طريق ممارسة أنشطة لتعزيز قدرات العمل مع المجموعة.

https://al-sharq.com/article/28/09/2020/في-دراسة-لمركز-دعم-خاصة-بالعمل-الاجتماعي-رعاية-الذات-أداة-أساسية-لتجاوز-التحديات