صحيفة العرب

مؤتمر دولي يناقش القضايا المعاصرة في «الصحة السلوكية»

مؤتمر دولي يناقش القضايا المعاصرة في «الصحة السلوكية»

دشّنت جامعة قطر، أمس، أعمال النسخة الثانية من المؤتمر الدولي للصحة السلوكية، الذي تنظمه بالتعاون مع مركز دعم الصحة السلوكية. ويشارك في المؤتمر نخبة من الخبراء والباحثين من مؤسسات أكاديمية وصحية ومجتمعية، على مدار يومين، ويتمحور المؤتمر حول قضايا معاصرة أبرزها في مجال الصحة السلوكية وإشكاليات الممارسة الميدانية.
رحّبت الدكتورة مريم بنت علي المعاضيد -نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا- بالمشاركين في المؤتمر، وقالت في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر: «إن الصحة السلوكية لم تكن ملحّة كما هي في الوقت الحالي، رغم الإنجازات الحضارية والتكنولوجية، لافتة إلى ظهور سلوكيات خطيرة بين الأطفال والمراهقين والشباب، الذين أخذت التكنولوجيا بعضهم إلى عالم افتراضي بعيد عن الواقع والقيم، مما قد يجرّهم إلى العنف والنزوات».
ودعت المؤسسات التعليمية والتربوية إلى مواجهة هذه التحديات عبر أنشطة فعّالة تشارك فيها الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات العامة والخاصة المعنية، وأكدت أن الاستراتيجية الصحية والرؤية الوطنية لدولة قطر قد شدّدت على أولوية توفير الموارد البشرية والخدمات التي تضمن حياة نفسية هنيئة وطويلة ومنتجة.
وأشارت إلى أن جامعة قطر اعتمدت البرامج المناسبة في وحداتها المعنية بعلوم النفس والاجتماع والصحة والطب، وأعدت الكوادر وأقامت مختلف أنواع المؤتمرات والأنشطة.
وشددت على أن مخرجات المؤتمر ستكون مفيدة لصنّاع القرار والسياسات، باعتباره خطوة متقدمة تعزز الصحة السلوكية لأبنائنا وبناتنا، وتؤهلهم للتعامل الناجح مع تحديات العصر، وتمكّنهم من الاستفادة المثلى من التكنولوجيا الحديثة دون الوقوع في شراكها.
وقال السيد راشد النعيمي، المدير العام لمركز دعم الصحة السلوكية: «إن مشاركة المركز في هذا المؤتمر، تأتي في سياق الحرص على الإسهام في حماية أجيال المستقبل، وتحقيق التنمية البشرية المستدامة».
وأضاف أن المركز يؤمن بضرورة إنشاء مجتمع خالٍ من الاضطرابات السلوكية، يتمتع أفراده بالثقة بالنفس والقيم والسلوك الإيجابي، عبر مناقشة أحدث النتائج والتطورات والتحديات والحلول المتعلقة بالصحة السلوكية، وتحقيق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى التطبيق.

مناقشة أحدث النتائج والتطوّرات والتحدّيات
خبراء يستعرضون التصوّرات الخاطئة عن المرض النفسي
استهدف المؤتمر الدولي الثاني للصحة السلوكية توفير منصّة متعدّدة التخصّصات للباحثين والممارسين في المجال، ومناقشة أحدث النتائج والتطوّرات والتحدّيات والحلول المتعلقة بالصحة السلوكية، التي توصف بكونها مؤشر على التفاعل بين السلوك والمزاج، والبيولوجيا، والصحة الجسدية والنفسية والعاطفية.
وتناولت الجلسة الأولى من المؤتمر القضايا المعاصرة في الصحة السلوكية، تحدّث فيها الدكتور مايكل ميلر أستاذ التعليم العالي في قسم التأهيل -الموارد البشرية- اضطرابات التواصل بجامعة أركنساس بالولايات المتحدة الأميركية، عن فكرة تطوير شخصية الطلاب، ومعرفة ما يريدون معرفته في حياتهم.
وقال خلال الجلسة: «إنّ جامعتي يوجد فيها 3 آلاف طالب، وأن نصف الطلبة في أميركا لديهم مشكلات تتعلق بالقلق والرغبة في الانتحار»، لافتاً إلى أن هناك إحصائيات مزعجة تتعلق بأن أغلب الطلبة يشعرون بأنهم بلا أمل في الحياة، ويفقدون الطاقة والقدرة على التعامل الجيّد، ما يولّد سلوكيات غير مقبولة.
وتحدّث الدكتور ماهر خليفة -الأستاذ المشارك بقسم العلوم الاجتماعية، برنامج علم النفس بجامعة قطر- عن بعض التطوّرات المجتمعية الخاطئة عن المرض النفسي، وتركّز على خطورة هذا المرض، وعدم كفاءة المريض النفسي، وكذلك الدواء الذي يتناوله، لافتاّ إلى أن ما يقال عن العنف لدى المريض النفسي، وأنه لن يعالج، وأنه عبءٌ على المجتمع، غير حقيقي.
وتحدّث الدكتور خالد أحمد عبدالجبار -استشاري الطبّ النفسي بإدارة شؤون الأسرة بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، خلال الجلسة- عن أنه توجد 7 أعراض، إذا توافر 3 منها في عام واحد يمكن اعتبار من ظهرت عليه بأنه يعاني من «الإدمان»، وقال: «إنّ حالات الأدمان موجودة وبنسبة عالية في مجتمعاتنا، ونطمح في تحسّن البرامج العلاجية، وإزالة وصمة العار المتعلّقة بإزالة وصمة العار بالنسبة للمريض الذي يحتاج إلى رعاية من كل أفراد المجتمع.

د. كلثم الغانم: يجب مراجعة استراتيجية الصحة والتنمية البشرية
أكدت الدكتورة كلثم بنت علي الغانم -رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر الدولي الثاني للصحة السلوكية- أن المؤتمر يدخل في إطار التمكين من الحصول على الخدمات الصحية والعلاجية والتوعوية كعنصر أساس في تحقيق الرفاه، وليس فقط علاج المرض.
وأوضحت أن الخطاب القائل إن الصحة هي عدم وجود المرض مقبول، في ضوء تطوّر الحياة الإنسانية، وارتقاء متطلّبات الإنسان، واحتياجاته البدنية والنفسية.
ودعت إلى إعادة النظر في استراتيجية الصحة والتنمية البشرية بشكل أساسي، من أجل تحقيق العافية والرفاه والأمن والانتماء والسعادة، إلى جانب عادة توجيه الخدمات الصحية والاجتماعية، وسياسات التنمية البشرية لتعزيز العافية والرفاهية، لافتة إلى ضرورة زيادة المهارات المعرفية الجديدة التي سوف يحتاجها المهنيّون في مجال الصحة البدنية والنفسية والسلوكية، بهدف الوصول إلى الصحة المثلى، والسلام الاجتماعي والنفسي والرفاه في الحياة الإنسانية.

توفير منصة متعددة التخصصات
للباحثين والممارسين
يهدف هذا المؤتمر إلى توفير منصة متعددة التخصصات للباحثين والممارسين في مجال الصحة السلوكية لتقديم ومناقشة أحدث النتائج والتطورات والتحديات والحلول المتعلقة بالصحة السلوكية، التي توصف بكونها مؤشراً على التفاعل بين السلوك والمزاج والبيولوجيا والصحة الجسدية والنفسية والعاطفية.
كما يهدف إلى زيادة الوعي والفهم لموضوع الصحة السلوكية، من خلال جمع مجموعة من الخبراء الدوليين والمحليين في مجال الصحة السلوكية والنفسية، لمناقشة أحدث المعارف والخبرات والحلول في هذا المجال. وذلك بهدف تحسين الصحة السلوكية داخل المجتمع، والترويج للنهج متعدد المستويات، والممارسات والتقييمات المبنية على الأدلة الواقعية.

بمشاركة متخصصين ومهتمين
اليوم.. نقاشات حول تطوير البحوث والأبعاد السلوكية
من المقرر أن تعقد اليوم الثلاثاء 3 حلقات نقاشية، الأولى حول: تطوير البحوث البينية في مجال الصحة السلوكية، وتتناول الثانية: الأدوار المهنية للعاملين في مجال الصحة السلوكية، بينما تتناول الجلسة الثالثة الأبعاد الثلاثية للصحة السلوكية (طب – علم نفس – علم اجتماع)، ويشارك في هذه النقاشات الخبراء والمهتمون بتطبيقات الصحة السلوكية.
وكان اليوم الأول من أعمال المؤتمر قد شهد 3 جلسات علمية، تحدث فيها 12 خبيراً وباحثاً في مجال الصحة النفسية والسلوكية والخدمة الاجتماعية، تحت موضوعات رئيسية، وهي: القضايا المعاصرة في مجال الصحة السلوكية، وإشكاليات الممارسة الميدانية في مجال الصحة السلوكية، والوقاية والتدخل في مجال الصحة السلوكية.
ويعد هذا المؤتمر من المؤتمرات التي تطرح قضايا جديدة في مجال الصحة النفسية والسلوكية لأول مرة في المنطقة، بهدف تجديد المعارف والمهارات الخاصة بهذا المجال، وخصوصاً في مجال التطبيقات والممارسة ومشكلات الواقع.
وقد انطلق المؤتمر من منظور يؤكد على التلاؤم مع قاعدة الأدلة الجديدة في مجال التنمية المستدامة، التي تأخذ في الاعتبار دور ومكانة الإنسان في
الفعل التنموي، وتركز على تمكينه من الاستفادة من الموارد المتاحة، بما يعزز قدرته على تحقيق التقدم والرقي والرفاهية لنفسه ومحيطة الإنساني والطبيعي.

https://www.alarab.qa/story/1421261/مؤتمر-دولي-يناقش-القضايا-المعاصرة-في-الصحة-السلوكية